الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

رسائل إلى البحر



.. رسائل إلى البحر


(١)

قلتُ للريحِ احمليني

فوق حزني والهُمومْ

اعبُري بحرَ انكسارِي

بدّدي عنِّي الغُيومْ

هدهديني .. واحتويني

أخبريني مَنْ أكونْ؟

*****

قالتْ الريحُ رويداً

يا بريدَ التائهين

ما بوسعي أن أغنِّي

غيرَ لحنٍ كالأنينْ

كنتُ نسماتٍ تروِّي

كُلَّ وردٍ بالحنينْ

تنثرُ العِطرَ شجيّاً

بهجةً للناظرينْ

ثمّ غالَ الظلمُ رُوحي

وحنى مِنِّي الجبينْ

ماتَ قلبي واعترتني

قسوةٌ في كل حين

*****

كلُّ مَنْ يملك روحاً

وجناحاً أو قلمْ

طائراً نحو الأعالي

يتسامى..

مُتّهمْ

كيف للذلِّ تحدَّى..

كيف للمجدِ اقتَحَمْ!

.. والذي يملِكُ قلباً

فاضَ بالحُبِّ وَهَمّ

بالتآخي.. مُتهمْ!

فمتى تنسلُّ رُوحي

مِن دياجير الظُلَمْ

ومتى أطلق طيري

نحو آفاق القمم!

******

(٢)

خفتتْ دقاتُ الساعةِ

شلَّ الخوفُ عقاربَها

وهنتْ شحنتُها المخبوءةُ

في قُرصٍ كالفِضَّةِ

يبرقُ ...

لكنْ، مِثلَ صفيحْ

ويريدُ الناسُ بأنْ تَضْبِطَ

وقتَ بُزوغِ الفجرِ

ووقتَ غُروبِ الشمسِ

ووقتَ هُبوبِ الريح!

*****

مِثلُ المذبوحِ رقصتُ

وَرُحْتُ أصيحْ

وأخذتُ أفتَّشُ أمتعتي

والقلب جريح

تتنازع روحي

أسواطُ الجلاد

وأنّاتُ التبريحْ

*****

القلبُ الواهنُ

قلَّ تدفقُ دَمّ الشُريانِ إليهِ

وهنتْ نبضاتُ الإحساسِ لديهِ

وَيـُرَادُ بِأن يعرفَ طعمَ الحُبِّ

ومعنى العشقِ

وهمساتِ التبريحْ!!

(٣)

وسْطَ سُكونِ العَتْمَةِ

رُحْتُ أفتِّش عَنْ ذَاتِي

أبحثُ عن أمنيتي

عن كلماتٍ في أغنيتي

عن ريشٍ في أجنحتي

يحملني فوق معاناتي

ويمهّد دربي

فوقَ صخور حياتي

*****

خُضْتُ بِحَارَ العالَم

قُدتُ سفينةَ عُمرِي

كي أعبُرَ مأساتي

وأحطَّ على الشاطئِ

مَرْسَاتِي

لكنّ الموجَ الجامحَ

حَطَّمَ أشرِعَتِي

وأضاع الرعدُ مُناجَاتِي

*****

(٤)

ذوّت فرحة عمري

ضاعت بوصلةُ القُبطانْ

وسيولُ الباطلِ

أخمدت البُركان

وَطُوَالَ الرِّحلةِ

كانَ الحزنُ رفيقي

والخوفُ صديقي

مَنْذُ وجِدْتُ

وحتى الآنْ

*****

بينَ الأنواءِ..

الرعدُ تمرَّدَ والإعصارْ

والبرقُ/ النارْ

زمجرتْ الريحُ

وأظلمتْ الأجواءْ

انهمرَ الماءْ

كسيولِ الموتِ الهوجاءْ

والأسوأُ.... جاءْ

*****

(٥)

يا موج البحر..

سكون..

أرجوك تقبّل أغنيتي

أنصت للـ... المجنون

أبحثُ في صدري

عن درٍ مكنونْ

عن شيءٍ في قلبي

مدفونْ

عن أملٍ مأفونْ

*****

يا صوت الآه

أبحث عن شيءٍ

لا أدركُ معناهْ

بَيْنَ الأشياءِ البَرَّاقَةِ

ضاعَ وَتَاهْ

*****

(٦)

وَدّعتُ الريحْ

وعرفتُ بأنِّي

كنتُ أسيرَ الوهمِ

أغنّي بَين فحيحْ

أزرعُ بَسماتِي

في بُستانِ الشّوكِ

أحلِّقُ مِثْلَ مسيحْ

والعالَمُ مِنْ حولي

لا يُلقي بالًا لِكسيحْ

يطعنُ بالخنجرِ

ظهرَ جريحْ

يسترُ بالزائفِ

كُلّ قبيحْ

أيمن جمال الدين
الشارقة
10/10/2010

هناك 9 تعليقات:

غير معرف يقول...

قصيده جميله ما شاء الله بارك الله فيك يا ابى الحبيب مع تحيات ابنتك ريم

غير معرف يقول...

كلمات رقيقة معبرة وجميلة زادك الله نور وكثرة الشعور (جمع شعر)يمني فرماوي

أيمن جمال الدين يقول...

جميل أن أتلقى أول تعليقين من زهرتي الحبيبتين، مع تأكدي طبعا أن المعاني كلها لم تصل إليهما.. والذي أحب أن أوضحه لحبيبتي يمنى وحبيبتي ريم أن هذه مجموعة قصائد وليست قصيدة واحدة، ولكن الأكيد أنها كلها «رسائل إلى البحر» وبوح أتمنى أن أكون قد وفقت في توصيله عبر هذه المقاطع المتنوعة حتى وإن كانت قصيرة، بعد صيام دام عاما أو يزيد عن «الكلام المباح»..شكرا لكما يا حبيبتا قلبي ونبض روحي

Hanan Elshafey يقول...

يا صوت الآه

أبحث عن شيءٍ

لا أدركُ معناهْ

بَيْنَ الأشياءِ البَرَّاقَةِ

ضاعَ وَتَاهْ
..............
اعلم جيدا ما يعنيه كل حرف في تلك الرسائل
لو كنت تتابع فقد كنت أكتب رسائلا للبحر_وشتان طبعا_
أستاذي
أنا سعيدة حقا بعودتك
واكثر سعادة بتلك الرسائل
خالص ودي وتقديري
.................
علي فكره لما قرأتها كتبت علي كل مقطع حاجه عايزه اوريها لحضرتك:)

أيمن جمال الدين يقول...

جميل أن تصل رسائلي إلى قلبك الرقيق يا آنستي..وزادت سعادتي أن صافحتها عيناك.. في انتظار مقاطعك التي ستكون طبعا رائعة مثلك رقيقة كروحك شفافة كنفسك الحانية.. وسامحيني لقلة تواصلي وعدم اطلاعي على ما تكتبين وان شاء الله سأحاول تدارك الأمر

mirom يقول...

شكرا لك يا ابى على تصحيح الخطامع تحياتى

Hanan Elshafey يقول...

في انتظار مقاطعك التي ستكون طبعا رائعة مثلك رقيقة كروحك شفافة كنفسك الحانية
.................
ابيه ايمن
شكرا لكلامك قوي ووالله انا اللي ليا الشرف يعني
انا مش عارفه ابعته هنا ولا عالميل
وبالنسبه لان حضرتك مش متابع
انا مقدره الظروف :)

Unknown يقول...

يا سيدي
كلت يدي
من شد ماحاولت
أن أبدي
حبي وعشقي لهندي
قد أراق دمي
لكنه لم يزل
في غيهب الغمد
ياصاحب الشعر
والسحر الجميل فهل
قللي بربك ماللعشق والكبد
يهواك قلبي بلا شعر ولاكلم
فكيف إن جئتني بالشعر غض ندي
أبكيتني سيدي
وجعلتني أهفو
وأهيم فيما قرأت وينقضي جهدي
ماذا أقول
ومن بالحرف يسعفني
ومايليق بشعر سحره يردي
كسرت أقلامنا ورفعت رايتنا
حزت الإمارة
في الشعراء والمجد
وقيت من غدرهم يا
صاحب الحرف
ووقيت من حرفهم
ووقيت من حسدي
المريد ابراهيم كامل
العاشق لمدونة ينابيع الحياة للشاعر: ايمن جمال الدين

أيمن جمال الدين يقول...

wef ...بل أنت يا سيدي ملك الشعر المتوج كما قلت مرارا..تتسرب كلماتك ومعانيك إلى الأوردة وتأخذ بالألباب.. دام إبداعك، وظللت على الدوام كما عهدناك..إبراهيم كامل الإنسان الذي لا يرى مشكلة أن يقال عنه مرة شاعر ومرة لا لأنه يحب سيرة الشعر وحيرته والسهر بداخله.. ما زالت تلك القصيدة تتلبسني وتنسال كلماتها ومعانيها كلما رأيت أشباه الشعراء يعتلون المنصات ويفرضون ذوقهم المريض، مستبعدين بساتين الإبداع الحقيقية من دائرة التأثير.. وأنى لهم ذلك ومثلك يملأ بستاننا بشدوه العذب