الاثنين، 27 ديسمبر 2010

وفي أذنيكِ .. يحلو صوتُ موالي


شربتُ الماء

لمّا مسّ شفتيكِ

وساغتْ كلُّ أحوالي

ففي عينيكِ..

يصفو لحنُ أغنيتي

وفي أذنيكِ ..

يحلو صوتُ موالي

وبين يديكِ ..

يغدو الموتُ أمنيةً

تراودني..

بلا خوفٍ وإجفالِ

فأنت الأمسُ..

.. أنت اليومَ

أنت العالَمُ التالي

*****

فيا غراء ضميني

فقد طال الجفا المقسومْ

ورديني إلى داري

لأنقذ قلبي المحرومْ

فقد ضيعتُ أيامي

على أبوابك جناتكْ

وغول البعد أوقفني

على أعتاب أسواركْ

وسوط الظلم والطغيانِ

ألهبَ ظهريَ العاري

فكيف أقول أغنيتي

وأنشد بعض أشعاري

وصوتي تاه كاللقيا

وغال الليلُ قيثارك



أيمن جمال الدين

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

رسائل إلى البحر



.. رسائل إلى البحر


(١)

قلتُ للريحِ احمليني

فوق حزني والهُمومْ

اعبُري بحرَ انكسارِي

بدّدي عنِّي الغُيومْ

هدهديني .. واحتويني

أخبريني مَنْ أكونْ؟

*****

قالتْ الريحُ رويداً

يا بريدَ التائهين

ما بوسعي أن أغنِّي

غيرَ لحنٍ كالأنينْ

كنتُ نسماتٍ تروِّي

كُلَّ وردٍ بالحنينْ

تنثرُ العِطرَ شجيّاً

بهجةً للناظرينْ

ثمّ غالَ الظلمُ رُوحي

وحنى مِنِّي الجبينْ

ماتَ قلبي واعترتني

قسوةٌ في كل حين

*****

كلُّ مَنْ يملك روحاً

وجناحاً أو قلمْ

طائراً نحو الأعالي

يتسامى..

مُتّهمْ

كيف للذلِّ تحدَّى..

كيف للمجدِ اقتَحَمْ!

.. والذي يملِكُ قلباً

فاضَ بالحُبِّ وَهَمّ

بالتآخي.. مُتهمْ!

فمتى تنسلُّ رُوحي

مِن دياجير الظُلَمْ

ومتى أطلق طيري

نحو آفاق القمم!

******

(٢)

خفتتْ دقاتُ الساعةِ

شلَّ الخوفُ عقاربَها

وهنتْ شحنتُها المخبوءةُ

في قُرصٍ كالفِضَّةِ

يبرقُ ...

لكنْ، مِثلَ صفيحْ

ويريدُ الناسُ بأنْ تَضْبِطَ

وقتَ بُزوغِ الفجرِ

ووقتَ غُروبِ الشمسِ

ووقتَ هُبوبِ الريح!

*****

مِثلُ المذبوحِ رقصتُ

وَرُحْتُ أصيحْ

وأخذتُ أفتَّشُ أمتعتي

والقلب جريح

تتنازع روحي

أسواطُ الجلاد

وأنّاتُ التبريحْ

*****

القلبُ الواهنُ

قلَّ تدفقُ دَمّ الشُريانِ إليهِ

وهنتْ نبضاتُ الإحساسِ لديهِ

وَيـُرَادُ بِأن يعرفَ طعمَ الحُبِّ

ومعنى العشقِ

وهمساتِ التبريحْ!!

(٣)

وسْطَ سُكونِ العَتْمَةِ

رُحْتُ أفتِّش عَنْ ذَاتِي

أبحثُ عن أمنيتي

عن كلماتٍ في أغنيتي

عن ريشٍ في أجنحتي

يحملني فوق معاناتي

ويمهّد دربي

فوقَ صخور حياتي

*****

خُضْتُ بِحَارَ العالَم

قُدتُ سفينةَ عُمرِي

كي أعبُرَ مأساتي

وأحطَّ على الشاطئِ

مَرْسَاتِي

لكنّ الموجَ الجامحَ

حَطَّمَ أشرِعَتِي

وأضاع الرعدُ مُناجَاتِي

*****

(٤)

ذوّت فرحة عمري

ضاعت بوصلةُ القُبطانْ

وسيولُ الباطلِ

أخمدت البُركان

وَطُوَالَ الرِّحلةِ

كانَ الحزنُ رفيقي

والخوفُ صديقي

مَنْذُ وجِدْتُ

وحتى الآنْ

*****

بينَ الأنواءِ..

الرعدُ تمرَّدَ والإعصارْ

والبرقُ/ النارْ

زمجرتْ الريحُ

وأظلمتْ الأجواءْ

انهمرَ الماءْ

كسيولِ الموتِ الهوجاءْ

والأسوأُ.... جاءْ

*****

(٥)

يا موج البحر..

سكون..

أرجوك تقبّل أغنيتي

أنصت للـ... المجنون

أبحثُ في صدري

عن درٍ مكنونْ

عن شيءٍ في قلبي

مدفونْ

عن أملٍ مأفونْ

*****

يا صوت الآه

أبحث عن شيءٍ

لا أدركُ معناهْ

بَيْنَ الأشياءِ البَرَّاقَةِ

ضاعَ وَتَاهْ

*****

(٦)

وَدّعتُ الريحْ

وعرفتُ بأنِّي

كنتُ أسيرَ الوهمِ

أغنّي بَين فحيحْ

أزرعُ بَسماتِي

في بُستانِ الشّوكِ

أحلِّقُ مِثْلَ مسيحْ

والعالَمُ مِنْ حولي

لا يُلقي بالًا لِكسيحْ

يطعنُ بالخنجرِ

ظهرَ جريحْ

يسترُ بالزائفِ

كُلّ قبيحْ

أيمن جمال الدين
الشارقة
10/10/2010

الخميس، 11 فبراير 2010

سيظلُّ قلبي يا أبي يَشْتاَقُ لَكْ


(الصورة لأبي رحمه الله قبيل وفاته وهو يغادر بيتنا)



(إلى روح أبي رحمه الله، حرة طليقة، تحلق مثل طائر حر، بعد أن علمني قراءة الحرف الأول، وأخذ بيدي إلى الإبحار في دنيا الكلمات)

ما أجملك.. 

نَمْ مِثلَ نُورِ الشمس

يَسْكُنُ في الفلكْ

فالفجرُ لكْ

*****

ما زالَ دِفْئُكُ يَا أبي

يَسري بِصَدْرِي كَالدِماءْ

عصفتْ بِدَوْحةِ حُبِّنَا

في ذلك الوَحْشِ المساءْ

أنباءُ فَقْدِكَ يَا أَبِي

والخَوفُ جاءْ

*****

عِشنا معاً..

تَبْكِي كَمَا نَبْكِي

فنمحو أدمُعَكْ

وَتُنِيرُ ضِحْكَتُنا الليالي

نَقْطَعُ الدُنيا مَعَكْ

*****

في ذاتِ صُبحٍ

حولَ قائمِ مِخْدَعكْ

رُحْنَا نُدارِي حُزنَنَا

وَنَقُولُ لَكْ:

لا بأسَ يا أبتاهُ

مِن هذا الألمْ

كُلُّ الحِكايةِ

أنَّ خَطْباً قَدْ أَلَمّ

بعضُ الخَلايا أُجهِدَتْ

مِن "فَقرِ دَمْ"

فتهزُّ رأسَك يَا أبي

من دون شَكّ

*****

ونعودُ نًبكِي وحدَنَا

في غُرفِةِ البَيتِ البَعيدْ

فلَقَد عَلِمْنَا ذات يوم

مِن طَبيبْ

أنَّ المنايا أوشكتْ

أنْ تأسِركْ

*****

أذِنَ الرحيلُ

فسِرتُ يا أبتاه

أبكي باغتراب

أودعتُ نَفسِي في الثرى

في ذلك الليلِ السَّرابْ

وأَهَلْتُ مِن فَوقِي التُّرابْ

وَسَكَنْتُ يَا أبتاهُ

فِي رَحمِ المَنَايا

أرتجي ..

أن أحضنكْ

وأعودُ لَكْ

*****

لَكِنَّنِي..

وَمَعِي مِن العُمِرِ القليلْ

أبصرتُ نفسِي فجأةً

فِي الحَاضِرينْ

وَنَظَرْتُ حَوْلِي

فانتفضتُ مِن الحَنين

حينَ افتَقَدْتُكَ يَا أبي

في السَّائِرينْ

وانسابَ دَمْعِي

ذلكَ المُرُّ الحَزينْ

وَجَرَرْتُ خَطْوِي عَائِداً

كالآخَرِينْ..

فَسَمِعْتُ قَلِبي

يا أبي..

يَشْتَاقُ لَكْ


ملحوظة: مات أبي رحمه الله ذات مساء حزين من مساءات شهر فبراير عام 2007 من غير أن يعلم بحقيقة مرضه بسرطان الدم، أو هكذا نظن، بعد أن حرصنا على إخفاء ذلك عنه، مكتفين بادعاء أنه يعاني من مجرد كسل مؤقت في النخاع وبعض فقر الدم البسيط الذي يستلزم نقل الدم على فترات، فهل يا ترى صدقنا؟ أم أنه كان يعلم أن حبنا له "قتل" الحقيقة على أفواهنا.


أيمن جمال الدين