الخميس، 11 فبراير 2010

سيظلُّ قلبي يا أبي يَشْتاَقُ لَكْ


(الصورة لأبي رحمه الله قبيل وفاته وهو يغادر بيتنا)



(إلى روح أبي رحمه الله، حرة طليقة، تحلق مثل طائر حر، بعد أن علمني قراءة الحرف الأول، وأخذ بيدي إلى الإبحار في دنيا الكلمات)

ما أجملك.. 

نَمْ مِثلَ نُورِ الشمس

يَسْكُنُ في الفلكْ

فالفجرُ لكْ

*****

ما زالَ دِفْئُكُ يَا أبي

يَسري بِصَدْرِي كَالدِماءْ

عصفتْ بِدَوْحةِ حُبِّنَا

في ذلك الوَحْشِ المساءْ

أنباءُ فَقْدِكَ يَا أَبِي

والخَوفُ جاءْ

*****

عِشنا معاً..

تَبْكِي كَمَا نَبْكِي

فنمحو أدمُعَكْ

وَتُنِيرُ ضِحْكَتُنا الليالي

نَقْطَعُ الدُنيا مَعَكْ

*****

في ذاتِ صُبحٍ

حولَ قائمِ مِخْدَعكْ

رُحْنَا نُدارِي حُزنَنَا

وَنَقُولُ لَكْ:

لا بأسَ يا أبتاهُ

مِن هذا الألمْ

كُلُّ الحِكايةِ

أنَّ خَطْباً قَدْ أَلَمّ

بعضُ الخَلايا أُجهِدَتْ

مِن "فَقرِ دَمْ"

فتهزُّ رأسَك يَا أبي

من دون شَكّ

*****

ونعودُ نًبكِي وحدَنَا

في غُرفِةِ البَيتِ البَعيدْ

فلَقَد عَلِمْنَا ذات يوم

مِن طَبيبْ

أنَّ المنايا أوشكتْ

أنْ تأسِركْ

*****

أذِنَ الرحيلُ

فسِرتُ يا أبتاه

أبكي باغتراب

أودعتُ نَفسِي في الثرى

في ذلك الليلِ السَّرابْ

وأَهَلْتُ مِن فَوقِي التُّرابْ

وَسَكَنْتُ يَا أبتاهُ

فِي رَحمِ المَنَايا

أرتجي ..

أن أحضنكْ

وأعودُ لَكْ

*****

لَكِنَّنِي..

وَمَعِي مِن العُمِرِ القليلْ

أبصرتُ نفسِي فجأةً

فِي الحَاضِرينْ

وَنَظَرْتُ حَوْلِي

فانتفضتُ مِن الحَنين

حينَ افتَقَدْتُكَ يَا أبي

في السَّائِرينْ

وانسابَ دَمْعِي

ذلكَ المُرُّ الحَزينْ

وَجَرَرْتُ خَطْوِي عَائِداً

كالآخَرِينْ..

فَسَمِعْتُ قَلِبي

يا أبي..

يَشْتَاقُ لَكْ


ملحوظة: مات أبي رحمه الله ذات مساء حزين من مساءات شهر فبراير عام 2007 من غير أن يعلم بحقيقة مرضه بسرطان الدم، أو هكذا نظن، بعد أن حرصنا على إخفاء ذلك عنه، مكتفين بادعاء أنه يعاني من مجرد كسل مؤقت في النخاع وبعض فقر الدم البسيط الذي يستلزم نقل الدم على فترات، فهل يا ترى صدقنا؟ أم أنه كان يعلم أن حبنا له "قتل" الحقيقة على أفواهنا.


أيمن جمال الدين